المفتاح للأمن الوظيفي في المستقبل

نُشِر في: July 16, 2020

دبي: يستمر التقدم التكنولوجي في إعادة تحديد الطرق التي نفكر بها ونعمل ونعيش ونتفاعل فيها مع الناس ومحيطنا. ونتيجة لذلك، فإن عدد كبير من الوظائف التقليدية آخذة في الانخفاض، ما يثير تساؤلات هامة لدى الشباب بوجه خاص.

فهل سيكون عدد الوظائف التي تقادمت بسبب سرعة  التغيير التكنولوجي أكبر من الفرص الجديدة والخيارات الوظيفية التي تتيحها ؟ وبصورة حاسمة, ما هي المواد الأساسية  للدراسة وما هي المهارات اللازمة لمواكبة العصر والخيارات الوظيفية الملائمة للمستقبل ؟

وفقا لما ذكرته منال حكيم، المُؤسسة والمديرة التنفيذية لجيك أكسبرس, منصة التعليم التكنولوجي، فإن مفتاح الأمن الوظيفي في المستقبل يكّمن في التنبؤ بالتغيرات في الأدوار الوظيفية وتعلّم المهارات اللازمة للتكيف معها. ففي العقد القادم، على سبيل المثال، تشير التقديرات إلى أن زيادة استخدام الذكاء الاصطناعي في جميع القطاعات سيقضي على 75 مليون وظيفة بمقابل خلق 133 مليون.
وقالت حكيم إن العديد من الوظائف المستقبلية ستقوم على "البرمجة، والروبوتات، ومهارات STEM (العلوم، والتكنولوجيا، والهندسة، والرياضيات) إلى حد كبير، مضيفتًا إلى أن الطلب سيزداد على العمال الذين يتقنون وظائف معينة مثل تحليل البيانات، تطوير البرمجيات والتطبيق، والروبوتات، والتجارة الإلكترونية، ووسائل التواصل الاجتماعي.

أن أهمية تعليم STEM   تكمن في التركيز على تطبيقات العالم الواقعي للإختصصات الأربعة من خلال نهج تعليمي متماسكوباعتبارها حسب خبراء التعليم, المحرك للنمو المستدام في بلدان مجلس التعاون الخليجي, فإن صفوف  STEM تعطى في جميع أنحاء المنطقة، من خلال ورش عمل في المدارس وبرامج خاصة.

وأشارت حكيم بإنه من خلال تعليم الطلاب الذين لا تتجاوز أعمارهم الخمس سنوات أساسيات المهارات مثل البرمجة, الروبوتات والتصميم فأن تعليم  STEM يضع "الأساس لكل من التعليم والابتكار".

 

ووصفت حكيم البرمجة والروبوتات والتصميم "باللغة العالمية الجديدة"، وجزء لا يتجزأ من تعليم STEAM (العلوم والتكنولوجيا والهندسة والفن والرياضيات) الذي هو نهج متكامل للتعلّم مصمم لتشجيع الطلاب على التفكير بشكل أوسع في مشاكل العالم الواقعي.

هناك بالفعل تحول مثير في التعليم، مع تركيز متزايد على الدروس المكرسة للبرمجة ومهارات STEM للأطفال في صفوفهم الأولى, وفقا لما ذكره كودي كلافر، المدير العام للمدرسة المعتمدة على الإنترنت iCademy Middle east .

وقال "يميل الطلاب إلى المهارات المستقبلية التي يعتبروها ممتعة وجذابة".


يعتقد كلافر أن الطلاب الذين يكتسبون المهارات التكنولوجية بطريقة مركزة وهادفة، والإلمام بالتعلم في بيئة تكنولوجية أيضًا، ينتهي بهم الأمر بأعتبارهم أصولاً لأصحاب العمل المحتملين.


تقدم جيك إكسبرس حالياً تدريباً خاصاً مباشراً على النت ل 1200طالب التي تتراوح أعمارهم ما بين ال 5 و17 سنة في بيروت ودبي وجدة والدوحة. كما تستخدم نموذج "المدرسة المستقبلية" التي توفر مجموعة من خيارات التعلم، باللغتين الإنكليزية والعربية التي تمكّن الطلاب العمل حسب وتيرتهم من خلال مشاريع اليدوية, دروس الخصوصية ومخيمات العطلات التعليمية.

وقالت حكيم إن التركيز الرئيسي هو تعليم الشباب كيفية البرمجة بحيث يصبحون "مخترعين للتكنولوجيا" وليس مجرد مستخدمين غير نشيطين. يتوفر أكثر من 30 برنامج، بداية مع منطق برمجة البلوكات بالنسبة للطلاب الأصغر سنا، تليها خوارزميات أكثر تعقيدا، وتصميم ألعاب، وتطوير التطبيق والويب، نهاية مع صفوف متقدمة عن علم البيانات والذكاء الاصطناعي.


"ينبغي أن يكون الطفل قادرا على تصميم تطبيقه الخاص، وليس فقط استخدامه," أضافت حكيم.


وكما قال كلافر فإن أهمية إعداد العقول الشابة  للتكيف مع متطلبات سوق العمل في المستقبل قد يؤدي إلى تغيير أفكارنا عن التعليم وكيفية المقاربة إليه.

وأضاف "أعتقد أننا سنشهد إعادة تخيل مستمرة من جانب شركات مثل Google وAmazon  وما شابه ذلك،حتى يتخطى الطلاب الهياكل الجامعية التقليدية ويتدربوا معهم مباشرة".

وبالنظر إلى التغيرات السريعة في التكنولوجيا وما يترتب على ذلك من تطور في سوق العمل، ما مدى استعداد السلطات التعليمية لضمان توافق الطلاب مع طلبات سوق العمل المستقبلية؟ يعتبر هذا السؤال مهم خاصة بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث يقل عمر نصف السكان تقريبا عن ال 24 سنة حسب بيانات اليونيسيف ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة .

ستحدد ثلاثة معايير رئيسية الأمن الوظيفي في السنوات المقبلة، وخاصة بالنسبة لأولئك الذين ولدوا منذ عام 1995 التي هي: المرونة، تنوع المؤهلات، والمهارات التكنولوجية.


وقالت إيما ويل، نائبة رئيس التعليم في المدارس لشركة بيرسون ميدل إيست، إن المربين والحكومات الإقليمية يبذلون جهوداً متضافرة لضمان الاعتراف بهذه المعايير لإعتبارها المدخل لإمكانية التوظيف في المستقبل، ولكن يبقي هناك عوامل أخرى تخلق فجوة ما بين المهارات والوظائف.


وكما أضاف ويل "تكمن الفجوة في إتقان اللغة أيضًا، وفي تلك المهارات البشرية الفريدة التي ستفرق بيننا وما بين الذكاء الاصطناعي في المستقبل".

أشارت حكيم إلى إن الجهود تتضافر بالفعل لضمان تعلم الشباب المهارات التي يحتاجونها للمستقبل ولكن يمكن فعل المزيد.


وأضافت "كانت هناك مبادرات عظيمة في المنطقة، مثل مشروع  المليون مبرمج عربي في الإمارات العربية المتحدة والرؤية التعليمية للعام 2030 في السعودية."


ومع ذلك, الطلب المتزايد إلى مهارات STEM يفوق بطىء عملية التغيير في المناهج الدراسية في المنطقة وحول العالم.

وأضافت : "أعتقد أن أفضل السبل لسد الفجوة هي إصلاحات تعليمية الأوسع نطاقاً والأكثر جرأة, وتعاون مستمر ما بين القطاعين الخاص والعام لبناء الزخم اللازم لتبني STEM في المدارس الخاصة والعامة، والمنازل، ومراكز الأنشطة، والمخيمات، وبرامج الشباب، على أن يكون هذا النموذج هو الأساس لشتى أنواع التعليم".

إن التحليل السليم لاتجاهات التوظيف مهم أيضا عند التجهز للمستقبل لأنه يوفر مؤشرات قيمة للمربين ومقرري السياسات.  فعلى سبيل المثال, وجد استطلاع أجراه مقدم خدمات التعليم بيرسون غلوبال أن  79 في المئة من المجيبين رأوا أن عليهم بذل المزيد من الجهود لتطوير معرفتهم بمواضيع.STEM

وقال ويل: "إن فهم المهارات المطلوبة مثل البرمجة، وتصميم تجربة المستخدم (  UX)، والحوسبة السحابية، والتفكير التحليلي يساعد الناس على توسيع معرفتهم وقدراتهم، وتمييزهم عن المرشحين الآخرين للوظيفة."

كما أنها أدرجت التفكير الإبداعي، والمنطقي، والتعاون، والتواصل القوي بين الاشخاص، والحاصل العاطفي، والتنوع، والذكاء الثقافي كمهارات شخصية مهمة مطلوبة في سوق العمل.

 

إن نصف عمر المهارات الوظيفية ــ أي مقدار الوقت الذي تستغرقه لتصبح نصف هذه المعرفة بالمهارات الوظيفية غير مهمة ــ قد انخفض من 30 عاماً إلى ست سنوات كمعدل وسطيونتيجة لهذا، قال ويل: "إن الشركات ستتطلع إلى توظيف مرشحين يتمتعون بمزيج من المهارات الصعبة والناعمة المرغوب فيها بالمستقبل". تتمثل المهارات الصعبة بالمعارف التقنية والتدريبات، بينما ترتبط المهارات الناعمة بسمات الشخصية مثل القيادة والتواصل.

ومع تأييدها لقيمة الأساس الأكاديمي الواسع، قالت حكيم إنه من المهم للطلاب الذين يمتلكون فكرة واضحة عن الصناعات التي قد يرغبون في العمل فيها أن يتبعوا مسارا مهنيا واضحا، ما يوفر لهم مسارا أسرع  للتوظيف.

وأشار ويل إلى إن الثورة الصناعية الرابعة يغذيها اندماج في التكنولوجيات التي تعتم الخطوط الفاصلة بين المواد الفيزيائية والرقمية والبيولوجية.  وإن المفتاح للنجاح في سوق العمل هو من خلال الترحيب بالتغيير والاحتفال به بهذه الحقبة."


أنهت حكيم قائلة: "حان الوقت لنا للبدء في اكتساب المهارات التي ستجعلنا منا موارد قيّمة في مكان العمل المستقبلي".


هناك 0 تعليقات